بسم الله الرحمن الرحيم
فضل الدعاء
قال الله تعالى : "و قال ربكم إدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" [غافر60]
فلقد فسر البعض معنى كلمة العبادة في هذه الآية بالدعاء فإن الذين يستكبرون عن دعاء الله تعالى سوف يدخلون الجنة صاغرين حقيرين.
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (الدعاء هو العبادة)[رواه أبو داود و الترمذي] فالدعاء هو نوع من أنواع العبادات مثل الصلاة و الصوم و الصدقات بل هو من أعظم العبادات لأن فيه يحقق العبد معنى العبودية لله تعالى بالذل و الحاجة و التضرع
و قال الله تعالى : "و إذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان "[البقرة:186]
فقلد جاءت صحابية للنبي صلى الله عليه و سلم و سألته : هل ربنا بعيد فنناديه أم قريب فنناجيه ...؟ فنزل قوله تعالى " و إذا سألك.......دعان"
فكان كلما سأل أحد من الصحابة الرسول عليه السلام عن أمر من أمور الدين يبين الله تعالى الحكم ...فمثلا " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال ...." ، و " يسألونك هن الاهلة قل هي ....." ، و " يسألونك عن الخمر و الميسر قل...."إلى نهاية الآيات
ففي كل آية يقول الله تعالى بها للنبي عليه الصلاة و السلام قل ماعدا هذه الآية الكريمة " و إذا سألك عبادي عني فإني قريب" فلم يقل الله تعالى للنبي قل فإني قريب و ذلك لشدة القرب من الله تعالى فلم يجعل في الدعاء أية حاجز بين العبد و ربه الجليل و ذلك لكرم الله علينا و فضله العظيم ، و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (ليس شيء أكرم على
الله من الدعاء)[المستدرك و صحيح إبن حبان و غيرهم ]
وقال صلى الله عليه و سلم : ( إن ربكم تبارك و تعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا . ) [ رواه إبن ماجة و أبو داوود و غيرهم ]
و لكن هناك شروط لأجابة الدعاء و هي :
الإخلاص : قال تعالى " فادعوا الله مخلصين له الدين " [غافر : 14]و معنى كلمة الدين في الآيه هو الدعاء
فإن الإخلاص هو الشرط الأساسي لقبول أي عمل من الأعمال
فعلينا أن نجعل دعائنا خالصا لوجه الله تعالى وحده ....
تحري الحلال : في المأكل و المشرب و الملبس قال صلى الله عليه و سلم : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا و إن الله أمر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال تعالى : "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا " و قال تعالى يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم " ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب له ) [رواه مسلم ]
الثقة بالإجابة : قال الله تعالى بالحديث القدسي " أنا عند ظن عبدي بي إن ظن بي خيرا فله و إن ظن بي شرا فله [صحيح إبن حبان ] و على العبد أن يعزم بالمسألة قال عليه الصلاة و السلام : ( إذا دعا أحدكم فليعزم بالمسألة و لا يقولن : اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مكره له ) [ البخاري ]
عدم الإستعجال و عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم : قال صلى الله عليه و سلم : (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ، ما لم يستعجل قيل يا رسول الله ما الإستعجال ؟ قال يقول : قد دعوت قد دعوت فلم أرَ يستجاب لي فيستحسر عند ذلك و يدع الدعاء ) [رواه مسلم ]
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث : إما أن يستجيب له دعوته او يصرف عنه من السوء مثلها أو يدخر له من الأجر مثلها . قالوا يا رسول الله إذاً نكثر قال الله أكثر [المستدرك و هو صحيح و لم يخرجه الشيخان ]
عدم الإعتداء بالدعاء : عن عبد الله بن معفل سمع إبنه يقول اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها . فقال أي بني سل الله الجنة و تعوذ به من النار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ( سيكون قوم من امتي يعتدون في الدعاء ) [ رواه إبن ماجة ]
و عدم دعاء العبد على نفسه بالموت ، قال عليه الصلاة و السلام : ( لا يتمنين احد منكم الموت لضر نزل به فإن كان لابد متمنياً للموت فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) [ البخاري ]
التذلل و الخشوع لله تعالى : قال صلى الله عليه و سلم ( إدعوا الله و أنتم موقنون بالإجابة و إعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل لاه ) [ رواه الترمذي ]
تحري أوقات الإجابة :
إن الدعاء مجاب بكل وقت و كل لحظة و لكن هناك بعض الأوقات التي ذكرها الرسول عليه الصلاة و السلام عن إجابة الدعاء و هي :
شهر رمضان
ليلة القدر
يوم عرفة
ثلث الليل الآخر : قال صلى الل هعليه و سلم يتنزل ربنا تبارك و تعال ىكل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له . ) [البخاري ]
في السجود : قال صلى الله عليه و سلم : ( أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد فأكثروا الدعاء ) [ رواه مسلم و أحمد و غيرهم ]
يوم الجمعة : قال صلى الله عليه و سلم في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم و هو قائم يصلي يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه )و أشار بيده يقللها وقيل انها آخر ساعة قبل المغرب
بين الأذان و الإقامة : قال صلى الله عليه و سلم إن الدعاء لا يرد بين الاذان و الإقامة فادعوا ) [رواه مسلم ]
و الإكثار من الدعاء في الرخاء قال صلى الله عليه و سلم : (من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر الدعاء بالرخاء ) [رواه الترمذي و غيره ]
عند الإنتباه من الليل : قال صلى الله عليه و سلم : (ما من مسلم يبيت على ذكر الله طاهراً فيتعار من الليل فيسأل الله خيراً من الدنيا و الآخرة إلا أعطاه .) [رواه أحمد و أبي داود ]
و الدعاء عند فطر الصائم و عند نزول الغيث و إلتقاء الصفوف في سبيل الله
و من الذين لا يرد الله دعائهم الإمام العادل و البار بوالديه و الذاكر الله كثيراً
آداب الدعاء :
و إن شاء الله إذا طُبقت هذه الأمور فإن الدعاء مجاب بالتأكيد
إبتداء الدعاء بالثناء على الله تعالى حمده ودعائه بأسمائه الحسنى و خصوصا يا ذا الجلال و الإكرام فقد قال رسول الله صلى الله و سلم : (ألظوا بيا الجلال و الإكرام ) [ المستدرك ] أي إلزموها و أكثروا منها و داوموا عليها و الإكثار من الدعاء بـ يا حي يا قيوم
التذلل لله تعالى و الخشوع و حضور القلب
أن يصلي الداعي على الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم
و إختتام الدعاء أيضا بحمد الله تعالى و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم
و قد قال العلماء أن هناك امرين لا يفعلهما أحد بالدعاء إلا إستجاب الله له و هما : الثناء على الله تعالى كثيرا و الإعتراف بالعبودية و الذل والخضوع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و قال صلى الله عليه و سلم : (دعوة ذي النون إذا دعا و هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لم يدعو بها رجل مسلم في شيء قط إلا إستجاب الله له . ) حديث صحيح [رواه الترمذي و أحمد غيرهم ]
و عن رسول الله صلى الله عليه و سلم (نه سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلي و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد ، فقال : لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى و إذا دعي به أجاب ) [ رواه أبو داود]
و عن أنس قال : كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم ، فدعا رجل فقال : يا رب السموات و الأرض يا حي يا قيوم إني أسألك ...فقال (أتدرون بما دعا و الذي نفسي بيده دعى الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ) [ الأدب المفرد]
[/sizeــــــــــــــــــــــــــــــ
[size=18] من أدعية الكرب :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (ما قال عبد قط إذا اصابه هم احزن : اللهم إني عبدك إبن عبدك إبن أمَتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك عدل فيّ قضاؤك إني أسألك بكل إسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو إستأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي و نور بصري و جلاء حزني و ذهاب غمي ، إلا أذهب الله همه و أبدله مكان حزنه فرحا ، قالوا يا رسول الله يننغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات ؟ قال أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن . ) [رواه إبن حبان في صحيحه ]
و عن أسماء بنت عميس قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب او في الكرب : الله الله ربي و لا أشرك به شيئا ) [رواه ابو داود و إبن ماجة ]
و عن الرسول عليه الصلاة و السلام أنه كان يقول عند الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات و رب الأرض و رب العرش الكريم .) [ البخاري و مسلم